السبت، ٢١ يونيو ٢٠٠٨

الحمدلله .. وجدت البنت !

الحمدلله .. وجدت البنت !



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

في الحقيقة ...
كثيرة ، كانت تلك الأفكار...
التي تدور في مخيلتي عن ما سأكتب لكم اليوم ..
منذ مدة .. ولم أكتب شيئ جديد يذكر ...
حوالي ستة أشهر ... منذ عودتي من فرنسا إلى الكويت ..
وأنا بلا كتابة !
لن أطيل اكثر ..
سأدخل في الموضوع ...
اليوم أنا في مكان مختلف جدا عن كل الأماكن السابقة ..
حتى عن فرنسا ... التي كنت أكتب لكم منها ..
-لا مقارنة اصلاً –
مكاني اليوم مميز جدا ..
حتى انني الأن وانا اكتب أرى أجمل شيء في هذا المكان ...
أراها هناك ...
جميلة جدا ...
جذابة جدا ...
حتى أنها مكسوة بسواد مبهر وجذاب
حشمة ، كرامة ، أناقة ..
كل هذه الكلمات لا تصف جمالها ..- صدقوني ..
والناس من كل الأجناس ...
حولها ...
إنها الكعبة المشرفة !
اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا ..

من هنا دارت أحداث هذه الأسطر التي تقرؤونها ..حتى من هنا .. ضاعت البنت !

بنت خالتي ... ذات الأربع سنوات ..
لها اسم دلع قريب جدا .. من " نورة " !
مكالمة سريعة فاجئتني .. ربما لم تتجاوز مدتها 5 ثوان ..
خالتي وهي تبكي : ابنتي ضائعة وأنا في سوق مركز أبراج مكة تعال ..
-انتهت المكالمة –
وبدأت هذه القصة !
بعد ما ركنت حقيبة اللابتوب إلى استعلامات الفندق وانطلقت إلى ذلك السوق ..
خالتي " أم البنت الضائعة " وخالتي الأخرى معها في السوق يبحثان في كل مكان ..
وانا أبحث في الناحية الأخرى من الـ " كل مكان " ...
تارة أصبر خالتي التي تبكي .. بان المكان هنا آمن .. مبارك ... سنجدها قريبا باذن الله ، لم تخرج بعيدا ..
وتارة أصبر نفسي .. واذكرها باني سأجدها قريبا .. بالدعاء طبعا ..
رجال الأمن يبحثون ..
وأنا أبحث ..
بنت ضائعة صغيرة بلباس بنفسجي ... !
أكثر من نص ساعة والبحث جاري ..
حتى أن أغلب المحلات أقفلت ..
والأنوار تنظفئ في أغلب المحال تدريجيا ...
والأم تبكي ...
الساعة قاربت الى 12 بعد منتصف الليل ..
والبحث جاري ..
أحد رجال الأمن أخبرني بان بنتا صغيرة موجودة هناك عند مركز أمن الفندق القريب ..
اتصلت بخالتي لأخبرها عن خبر ربما سيفرحها ويوقف بكائها
طرت إلى هناك طبعا ...
لكن ..
لا يوجد أحد .. حتى ان البنت التي وجدت لم تكن بنتنا ..
قال لي رجل الأمن .. أن لا احد هنا .. من أخبرك قد ساء الفهم ..
عدنا إلى البداية مرة أخرى ..
رجل آخر بجانبه أخبرني لأذهب إلى مكتب الأطفال الشائعين التابع للحرم المكي ..
ربما أحدهم أخذ البنت إلى هناك !
فكرة خروج البنت من المجمع كانت بعيدة عن تفكيرنا أصلا ..
أو ربما كنت قاصدا .. أبعاد الفكرة من الدخول إلى تفكير خالتي ..
لأن حينها سيصعب الموقف أكثر .. ويتعقد !
لكن قوة البحث عندي تجددت ..
ذهبت إلى هناك .. بطاقة متجددة ..
مع الدعاء طبعا ...
وكانت المسافة بعيدة نسبيا .. عن مكان فقدان البنت ...
دخلت الحرم المكي ..
استخدمت أسلحة قوية جدا .. في الدعاء ..
تلك العبادة الفعالة جدا ...
" والله كنت أعلم إني سأجدها .. " لكني أردت أن أسرع فالوقت تأخر ..
وجدت مكتب التائهين .. بعد الخروج والدخول من أكثر من باب للحرم ..
سألت الموظف عن البنت ..
أخذ من المعلومات .. وأخذ يتصل ليسأل ..
رد علي بوجود بنت عند أحد المشرفات وهي الآن ستحضرها .. ودعاني للهدوء ..
كانت دقائق الانتظار سنوات ...
فخالتي كانت في حالة غيرعادية ... !
"بنت ضائعة، حالة تكاد تكون طبيعية عند السفر ، لما كل هذا الزخم ؟؟ "
- ربما سألت نفسك ، أو حتى ربما نفسك سألتك هذا السؤال –
لكني أرد بقوة .. أسأله تعالى أن لا يريك مثل هذا المنظر ..
أم في السوق تبحث عن ابنتها الوحيدة ... ذات الأربع سنوات !
باقي الأهل نائمين في الفندق ، والأب موجود في الكويت ...
وكان حريص على أن تكون البنت مع أمها دائما !

كل شيء كان مختلف عن الأمور الطبيعية الأخرى ..
المكان – الزمان .. حتى الأشخاص ...
حتى الحب .. لمن له اسم دلع قريب جدا من نورة !

أنا مازلت عند الرجل داخل مكتب التائهين التابع للحرم المكي ..
أرجوه بأن يسرع ..
يتصل ..
يسأل عن لون اللباس .. حتى لا يضيع وقتي سدى ..
لكن لا جدوى .. أعصابه كانت باردة جدا .. – ربما اعتاد على هذه المواقف أكثر من المعتاد –
تماما كما اعتدنا نحن المسلمين – أو بعضنا على الأقل – على الجمود أكثر من المعتاد !
لمحت المشرفة .. وبيدها طفلة صغيرة
أترقبها تتقدم ببطئ ..
أسرعت إليها لأراها عن قرب ...
نعم .. كانت هي !
أخذتها بين ذراعي وقبلتها !
الحمدلله ... سجدت شكرا لله .
وجدتها في بيته سبحانه .
في هذه الأثناء كانت أمها عائدة إلى الفندق باكية لتخبر باقي الأهل عن فقدان البنت!
باقي الأهل الذين استيقظوا على بكاء الأم ..
حتى ان اختي الصغيرة كانت تحسبه حلم !
لكني الحمدلله ... وجدتها ...
أما رصيدي الجوال خاصتي توقف عن الاتصال ..
لكني أرسلت رسالة نصية لأخبرهم أني وجدتها !
الحمدلله ...
كانت أحداث " بالنسبة لي على الأقل - لا تنسى حقاً ..
طبعا اختصرت أمور كانت لا بد أن تختصر ... !
لكن يبقى الدعاء .. ثم الدعاء .. ثم الدعاء .. !
ذلك السلاح العجيب ...
" لا يرد يدي العبد صفرا خائبتين " – سبحانه وتعالى -
أدعو وأنا من هنا ..
من – مكة – بأن يحفظ لكم أهلكم وأحبابكم ولا يريكم فيهم ولا فيكم مكروه !


ليلة الجمعة – 20-6-2008
مكة المكرمة







هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

يا إلهي...نبضات قلبي إلى الآن مسرعة..
أشعر وكأنك تتحدث عني، فقد فقدني والداي في الحرم المكي الشريف كذلك عندما كنت في الثالثة من عمري فقط!!
يقول أبي أن شعر رأسه شاب منذ تلك اللحظة..
الحمد لله الحمد لله بعد أن انطلقت إلى الخارج نحو الشارع رآني رجل -لازلت أدعو له- فأجلسني على كتفيه ثم طاف بي إلى أن رآني والدي!!
ما زلت أتذكر الموقف وكأنه بالأمس وأحمد ربي أن سخر لوالداي هذا الرجل..