مع الطفل الفهلوة ..

في الأمس ..
كان لقائي بهم سريعا ..
سرييييعا جدا ...
أسرع مما تتوقع أنت وانا ...
كنت في أحد مراكز التسوق .. وسمعت فجاة صوت يخرج من مكبرات الصوت المعلقة يقول :
Hisham to service counter ..
ثم شاهدت أمامي طفل ..
يحاول جاهدا اقناع طفلين معه على سرعة الاختيار والشراء ..
كي لا تطوفهم فرصة التنزيلات .. التي ستنتهي بعد قليل حسب ما فهم بعد سماعه للاعلان من مكبرات الصوت !
لم أصدق ما سمعت ..
فشاركتهم الحوار سريعا ...
وحاولت أن أصحح الفكرة الموجودة عند ذلك الطفل ..
عندما اخبرتهم ان الصوت كان يقول ان على المدعو هشام التوجه إلى مكتب الخدمة ..
– وليس لذلك أي علاقة بانتهاء فترة التنزيلات – والخصومات الموجودة على المعروضات !
ذلك الطفل – الفهلوة – تلقى التوضيح بتنهيدة ارتياح .. وابتسامة عريضة ..
أما الطفلين فكانت علامات الاستغراب على وجووههم ..

اما .. أنا .. فكنت في واد آخر ...
كنت متأكدا .. ان ذلك اللقاء الذي لم يشهده غيري .. كان موجها لي انا شخصيا .. !
ربما – اجتهد – هذا الطفل بالترجمة وحرص على توصيل رسالة لمن معه من أطفال
..حتى ولو لم يصب ...
لكن الموضوع كان بسيطا جدا .. خصومات على ملابس .. ليس أكثر !

أما انا .. فكم هي كثيرة تلك المرات .. التي سمعت فيها ألاف الأصوات في حياتي ..
وفهمتها بفهم أكثر خطئا وتعقيدا ... من ذلك الطفل ...
وكنت متأكدا .. حينها ... اني على صواب ... !

نعم أذكر ..
أذكر اني سمعت وفهمت بشكل خاطئ - كثيرا – وأعترف !
حتى أن اغلب الأصوات التي سمعتها كانت من نفس لغتي .. ومع ذلك فهمتها خطأ ... !

ذلك الطفل ... كان أشجع مني ...
لم يشكك من صحة ما ذكرته له .. كان واثقا بي وبمحاورتي ، وغير فهمه بسرعة !
حتى أنه صحح خطأه مع من معه من أطفال ... !

كم أسرعت ... وكم تسرعت ... !
وكم كنت أكثر فهلوة منه ............. في مرات كثيرة !
كانت قرارات مهمة بعضها ..
مهمة جدا .. !

لذلك أكتب ...
لا خوفا من ان تسمع Hisham to service counter ..
وتفهمها .. " ستنتهي فترة التنزيلات " فحسب !
بل لتكون شجاعا وتسمح لنفسك ان تفهم بشكل أفضل .. وأن تسمح لنفسك بالسماع لفهم الأخرين !
فلربما يكون ذلك الفهم هو الأصح ...
حاول .. مثلما سأحاول أنا ..
لنبدأ معا .. نفهم بعمق أكثر ..



*فهلوة : كلمة عامية اشتهرت بمصر بمعنى شطارة .